تبقى الحوادث والوقائع التي تعترض الإنسان في حياته باقية في ذهنه حسب قدرتها على تغيير حياته، وتأثيرها فيه، ورغم اتساع الجزيرة العربية إلا أن الأحداث الهامة تذيع فيها بشكل سريع، ومنتظم أن الضيف المسافر في الغالب عندما يحل ضيفاً بعيداً عن أرضه، فإنه مطالب بسرد ما يملك من معلومات، وما شاهد في رحلته كما أنه يأخذ (علوم) من حل ضيفاً عليهم، وتكاد تكون هذه الوسيلة من أهم سبل انتشار الحوادث والأخبار سابقاً.
قبل أن يعرف أهل الجزيرة العربية، وخاصة أهل باديتهم السجلات التي يؤرخون فيها مواليدهم، وحوادث حياتهم كانوا يعتمدون على ربط أحداث حياتهم الشخصية بأحداث عامة مثل (المعارك، وتولي الحكام ووفياتهم، وسنوات الخصب والجفاف، والسنوات التي يكثر فيها الجراد أو ترتفع الأسعار، وغير ذلك).
وحتى يومنا هذا ما زلنا نؤرخ بهذه الطريقة رغم انتشار السجلات المدنية، والطرق الحديثة لتأريخ الأحداث.
نعم.. السنا نقول: (سنة الغزو، وسنة التحرير، وسنة صعدتنا لكأس العالم، وسنة صعدوا للقمر... الخ)!!
ولكننا نلحظ أنه كانت لدى أسلافنا طرق أكثر ذكاء منا في تسمية سنواتهم، فكان فيها فن في اختيار الاسم الذي قد لا يأتي مباشراً وفجاً كما نفعل الآن بتسمية سنواتنا، وهذا ما سنلحظه في هذه الكتابة في أشهر سنوات في الكويت قديماً ونجد وبقية أنحاء الجزيرة العربية وبعض المناطق المجاورة:
أولاً: الكويت
سنة الطاعون (وباء):
سنة 1247هـ، وهو الطاعون العظيم الذي عم المنطقة بأسرها، وكانت له أصداء عالمية سنة 1247هـ (1831م)، وفيه توفي الكثير من المشاهير من بينهم شيخ المنتفق حمود بن ثامر السعدون، وشيخ الزبير علي بن يوسف الزهير، والشاعر محمد بن لعبون.
السنة الحمراء (غبار):
سنة 1247هـ، وفيها عم الكويت غبار أحمر ناعم، وكان يكثر في ساعات النهار، ويخف خلال الليل، فأرخوا به مواليدهم، ويلاحظ أنها نفس سنة الطاعون.
سنة الهيلق (جوع):
سنة 1285هـ، وفيها عم الجوع المنطقة، واضطر الكويتيون وغيرهم إلى شرب دماء البهائم، واستمر ثلاث سنوات، ولم ينته إلا في سنة 1288هـ، ونذكر هنا الجهود الخيرة التي بذلها المحسنون من أهل الكويت مثل (يوسف البدر، ويوسف الصبيح، وعبد اللطيف العتيقي، وسالم بن سلطان، وبيت معرفي، وبيت ابن إبراهيم، وغيرهم) في التفريج عن كربات المعوزين في تلك المجاعة حتى قال فيهما الشاعر العراقي عبد الغفار الأخرس:
إن الكويت حماها الله قد بلغت
باليوسفين مكان السبعة الشهب
تالله ما سمعت أذني, ولا بصرت
عيني بعزهما في سائر العرب
فيوسف بن صبيحٍ طيب عنصره
أذكى من المسك إن يعبق, وإن يطب
ويوسف البدر في سعدٍ, وفي شرف
بدر الأماجد لم يغرب, ولم يغب
ولفظة (الهيلق) يعتقد أنها تعني الفقراء الذين وفدوا إلى الكويت في تلك المجاعة يطلبون الطعام، ومازالت تطلق حتى الآن في اللهجة الكويتية على الأشخاص الفقراء أو المنحدرين من أصول متواضعة.
سنة الطبعة (غرق السفن):
سنة 1288هـ (1871م)، وطبع بمعنى غرق في اللهجة الكويتية، وهي سنة كثر فيها غرق السفن الكويتية بسبب إعصار بحري وقع بين الهند ومسقط.
وممن ذهبت سفنهم في هذه الكارثة :
(سفينة الإبراهيم ) و ( سفينة العصفور ) و( سفينة الصبيح ) و ( سفينة محمد الغانم ) .
سنة الرجيبة (سيل):
سنة 1289هـ (1872م)، وفيها هطل مطر غزير على الكويت، فهدم كثيراً من البيوت، وجاءت التسمية لأن المطر وقع في شهر رجب من تلك السنة.
سنة الدبا (جراد):
سنة 1307هـ، وفيها أتلف الدبا (صغار الجراد) المزروعات، وأهلك الحرث، وأنتنت الآبار بسببه.
وقد وصف الشاعر خالد العدساني هذا الغزو الطبيعي بقوله :
الله اكبر كيف هذا القمل الضعفا
آذى الأنام ومنه الزرع قد تلفا
وصير الأرض بيضا لا نبات بها
كأنه لم يكن فيها وما عرفا
قد جاء كالسيل يعدو ليس يمنعه
شيء فما مل من شيء ولا وقفا
فلم نر طرقا إلا وقد ملئت
ولا جدار ولا سقفا ولا غرفا
وأصبحت جملة الآبار منتنة
كأن في جوفها من ريحة جيفا
وكل طفل له من أهله حرس
يحمونه يقظة منه وحين غفا
فالحمد لله والشكر الجميل له
في كل حال فمولانا بنا لطفا
سنة الطفحة (ازدهار مالي):
سنة 1321هـ (1912م)، وطفح الماء أي زاد وخرج عن إنائه، وكانت سنة وفر وزيادة في أرباح الغوص بشكل ملحوظ، وذلك بسبب كثرة السفن التي خرجت للغوص وقتئذ، وبلغ عددها 2812 سفينة عليها 30 ألف بحار، وذلك لتعويض خسائر معركة هدية.
سنة الرحمة (وباء):
سنة 1338هـ (1919م)، وفيها وقع وباء عم المنطقة والعالم بأسره، وهو وباء الأنفلونزا الشهير، وقد ظن الكويتيون في أول الأمر أنه وباء الطاعون، فسموه بالرحمة بعد ذلك لأنه أهون من الطاعون إلى حد ما رغم كثرة ضحاياه.
سنة البشوت:
سنة 1349هـ (1930م)، وفيها أصدر الشيخ أحمد الجابر الصباح حاكم الكويت قراراً بمنع ارتداء البشوت لارتفاع تكاليفها على الفقراء، وقد التزم به الكثيرون بعد خروج أفراد الأسرة الحاكمة وفي مقدمتهم الشيخ أحمد نفسه إلى الأسواق دون بشوت بينما لزم البعض بيته حتى ألغي القرار بعد ذلك.
وللشاعر إبراهيم الخالد الديحاني قصيدة شهيرة في تلك السنة منها قوله:
دشيت يم السوق كجاري العاد
مستانسٍ للشي ما صار بينه
وإلا أشوف اللون في ناسٍ أفراد
في دقلةٍ والخيزران يمينه
قلت السبب هل كيف تمشون لا عاد؟
بشتٍ يذريكم عن البرد وينه؟
قالوا تسمع لا عدمناك يا واد
عصرٍ جديدٍ توّنا داخلينه
واقفيت أرد الرأي باليوم ترداد
وظليت هايم، والقضية كنينه
سنة الجدري (وباء):
سنة 1350هـ (1931م)، وفيها عم وباء الجدري الكويت، وقضى على سبعة آلاف شخص معظمهم من الأطفال.
سنة الهدامة (سيل):
سنة 1353هـ، وفيها هطل مطر غزير على الكويت يوم 8 ديسمبر 1934م (غرة رمضان 1353هـ)، وتهدمت بسببه الكثير من بيوت مدينة الكويت، وفي تاريخ الكويت عدة هدامات، وهذه أشهرها، والمعتمدة عند المؤرخين.
سنة المجلس:
سنة 1938م، وفيها قام بالكويت المجلس التشريعي، ولكنه لم يدم إلا لأشهر قليلة، والأحداث التي صاحبت حله معروفة في تاريخ الكويت (راجع مذكرات خالد العدساني)، وكان قد سبقه مجلس شورى أسس سنة 1921م، واستمر فترة قصيرة أيضاً.
سنة البطاقة:
سنة 1942م، وذلك أنه في أثناء الحرب العالمية الثانية قلت المواد التموينية بشكل عام، فقام الحكومة في تلك السنة بإقرار توزيع الغذاء والأقمشة بنظام البطاقة التموينية، وعينت وكلاء يقومون بهذا التوزيع.
ثانياً: نجد
سنة جلدان (جدب): سنة 1032هـ
سنة ديدبا (جدب): سنة 1039هـ
سنة بلادان (جدب):
سنة 1047هـ، وفيها جاءت قافلة إلى نجد، فلم تجد في العارض تمراً، وما اكتالت إلا من الخرج.
سنة هبران (جدب):
سنة 1065هـ، وفيها أكل الناس الميتة والجلود البالية بعد حرقها، ومات كثير من الناس جوعاً.
سنة الحجر:
سنة 1066هـ، ولم تذكر تفصيلات عنها.
سنة رجعان هبران (الخصب الرجع الذي أنهى جدب هبران): سنة 1067هـ.
سنة صلهام (جدب): سنة 1077هـ.
سنة دلهام (خصب – رجعان صلهام): سنة 1079هـ.
سنة جرمان (جدب):
سنة 1085هـ، وفيها أكلت الميتة.
سنة جرادان (جراد):
سنة 1086هـ، وفيها كثر الجراد والمطر، ولكن الغلاء ظل مستمراً فيها، وتسمى أيضاً (ربيع الصحن).
سنة سليسل (مطر وبرد):
سنة 1100هـ، وفيها كثر المطر والبرد جمد فيه المطر على عسبان النخيل والخوص وأهداب عيون الإبل.
سنة سمدان (جدب):
سنة 1115هـ، وفيها جدب وغلاء شديد.
سنة الدبا (جراد):
سنة 1122هـ، وفيها كثر الجدب، وفي السنة التي بعدها.
سنة سحي (جدب):
سنة 1136هـ، وفيها عم القحط من الشام شمالاً حتى اليمن جنوباً حتى قال الشاعر النجدي:
غدا الناس أثلاثاً، فثلث شريدة
يلاوي صليب البين عارٍ وجائع
وثلث إلى بطن الثرى دفن ميّتٍ
وثلثٌ إلى الأرياف جالٍ وناجع
سنة الذرة (سيول):
سنة 1137هـ، وسميت بذلك لأن بلدان نجد بها فاض ماؤها، فزرعوا الذرة في كل مكان.
سنة رجعان سحي (خصب): سنة 1139هـ.
سنة قرادان (جدب وغلاء): سنة 1154هـ.
سنة خيران (خصب):
سنة 1155هـ، وفيها جاء لمنطقة الخرج سيل خربها.
سنة شيتة (جدب):
سنة 1163هـ، وفيها قحط وغلاء بدأ قبلها بعامين، واشتد في هذه السنة.
سنة رجعان شيتة (خصب): سنة 1165هـ.
سنة مطرب (خصب):
سنة 1169هـ، وفيها بكّر مطر الوسمي، وكثرت السيول.
سنة سوقة (غلاء):
سنة 1179هـ، وذكر المؤرخ عبد الله البسام في كتابه (تحفة المشتاق في أخبار نجد والحجاز والعراق) أنها وقعت سنة1181هـ، وفيها حدث غلاء ومات كثير من الناس جوعاً ومرضاً، ولكن في آخرها نزل الحيا وسمياً مبكراً.
سنة دالوب (جدب): سنة 1198هـ.
سنة رجعان دالوب (خصب):
سنة 1200هـ، وقد شبه الشاعر محمد بن لعبون ممدوحه أحمد بن ضاحي العون، فقال:
فكّاك عاقاتي ورجعان دالوب
سمع لندا من ضامه الضد ومجيب
سنة مواسي (خصب):
سنة 1208هـ، وفيها حل ربيع عظيم.
سنة بقعا:
سنة 1257هـ، وفيها وقعت المعركة المشهورة بين عبيد الرشيد وأهل القصيم.
سنة المليدا (معركة):
سنة 1308هـ، ووقعت بين الأمير محمد الرشيد وأهل القصيم.
سنة ساحوت:
سنة 1328هـ، ووقع فيها مرض يصيب المعدة يسبب الشره في الطعام، هي سنة (الجوع) في نجد.
سنة الفقع:
سنة 1329هـ، وظهر فيها الفقع في أماكن غير مألوفة مثل سفوح الجبال والطرقات، وهناك سنة فقع أخرى وقعت شمالي الكويت سنة 1945م، وتسمى سنة الخيل أيضاً حيث حدث وباء أفنى كثيراً من الخيل.
سنة الجرب:
سنة 1340هـ، ونفقت بسببه أعداد كبيرة من الإبل.
سنة المحمل المصري:
سنة 1344هـ، وفيها وقعت حادثة مشهورة على المحمل المصري في الحجاز.
سنة البرد:
سنة 1345هـ، وحدث فيها برد شديد في نجد استمر أربعين يوماًً
سنة السبلة:
سنة 1347هـ، وفيها وقعت المعركة المشهورة بين الملك عبد العزيز آل سعود وبعض زعماء الأخوان.
سنة الجدري: سنة 1358هـ.
سنة جبار:
سنة 1360هـ، وتفاءل الناس فيها بالخصب بعد جدب سبقها، تسمى أيضاً سنة الشهاقة حيث انتشر مرض السعال الديكي بين الأطفال، وقضى على أعداد كبيرة منهم..
سنة الدبا: سنة 1364هـ.
سنة الظلمة:
سنة 1371هـ، وهبت فيها رياح شديدة على نجد، وأظلم الجو فيها ثلاثة أيام.
سنة الهدام:
سنة 1376هـ، وتعرضت فيها منطقة القصيم لأمطار غزيرة انهارت فيها سقوف البيوت الطينية.
ثالثاً: بعض دول الخليج
سنة الحيمر:
سنة هاج فيها البحر هيجاناً عظيماً، وأغرق أعداداً كبيرة من السفن، ولعلها هي سنة الطبعة المشهورة عند أهل الخليج.
سنة الطبعة:
حدث فيها إعصار عظيم في البحر، فغرقت به جملة من السفن والبحارة والأمتعة، وحدثت في أيام الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان (والد الشيخ زايد)، وفيها وصل البحر في أبي ظبي إلى منطقة شارع الشيخ حمدان، ولعلها غير سنة الطبعة المعروفة في الكويت.
يوم الوهيلة:
سنة 1939م، وهو مما يلحق بالسنوات بسبب التأريخ به، وهو اليوم الذي باغت فيه الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم خصومه في ديرة دبي، وهاجمهم، وانتزع السلطة التي كانت منقسمة حينذاك بينه وبينهم.
سنة الجريش:
من سني القحط أثناء الحرب العالمية الثانية حين لم تصل لأهل الإمارات شحنات كافية من الرز، فصاروا يطبخون الجريش تعويضاً عنه.
سنة الشمبريش:
إحدى سنوات القحط والجوع عند أهل دبي والشارقة أيام الحرب العالمية الثانية، فكانوا يطبخون السمك، ويأكلونه مع الشمبريش بدلاً من الرز، والشمبريش هو جريش الحنطة أو الشعير أو الذرة.
سنة الزقنبوت:
من سنوات القحط والجوع في دبي، فكأنما صار الناس يتجرعون الزقنبوت (الزقوم) بدلاً عن الطعام.
سنة اليلوة (الجلوة):
سنة 1954م، وفيها جلا كثير من أهل أبي ظبي إلى قطر ودول الخليج الأخرى بحثاً عن الأعمال والوظائف هناك.
الموضوع منقوووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووول